من المتوقع أن تؤثر ميزانية عام 2026 بشكل كبير على المشهد العقاري الماليزي من خلال سياسات مالية تستهدف تعزيز قطاع الإسكان بشقيه الاقتصادي والراقي. تشير التوقعات إلى أن الحزمة التحفيزية ستؤدي إلى زيادة المعروض من الوحدات السكنية الميسورة التكلفة مع تعزيز الطلب على العقارات الفاخرة، مما يعكس توجهًا حكوميًا نحو تحقيق توازن في السوق العقاري. يأتي ذلك في إطار خطة شاملة تدعمها استثمارات البنية التحتية الكبرى ومبادرات النمو ضمن الإطار الاستراتيجي للخطة الماليزية الثالثة عشرة.
يقدر الخبراء أن الإجراءات المالية الجديدة قد تساهم في رفع حجم المعاملات السكنية بنسبة تتراوح بين 3 إلى 5 بالمائة خلال عام 2026 مقارنة بمستويات عام 2025. يُعتبر برنامجي “سمبانغان توناي رحمة” و”سمبانغان أسس رحمة” البالغة قيمتهما 15 مليار رينغيت ماليزي المحرك الرئيسي لهذه الزيادة، حيث ترفع المساعدات النقدية المباشرة القدرة الشرائية للأسر محدودة الدخل. على سبيل المثال، يمكن للأسرة التي يبلغ دخلها الشهري 3000 رينغيت أن تزيد ميزانيتها السكنية من 209 آلاف إلى 279 ألف رينغيت بفضل الدعم الإضافي.
تدعم السياسات النقدية التسهيلات التمويلية حيث أسهم خفض سعر الفائدة overnight policy rate إلى 2.75 بالمائة في تخفيض تكلفة الاقتراض العقاري. كما تستمر الحكومة في تطبيق برنامج التمويل المتدرج عبر شركة ضمان الائتمان السكني، إلى جانب الإعفاء الضريبي لمدة ثلاث سنوات على فوائد القروض العقارية للوحدات السكنية التي تتراوح أسعارها بين 500 ألف و750 ألف رينغيت. تعكس هذه البرامج التحول الاستراتيجي في سياسات الدعم من البرامج الشاملة إلى تلك المستهدفة للفئات الأكثر احتياجًا.
يساهم التركيز الحكومي على جذب الاستثمارات في القطاعات التقنية المتقدمة مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة في خلق فرص عمل ذات دخل أعلى وجذب الكفاءات الأجنبية. هذا التوجه يدعم بدوره الطلب السكني عبر جميع شرائح السوق، حيث تشير البيانات إلى تحقيق السوق العقاري أعلى مستوياته خلال العقد في عام 2024 بإجمالي 420,525 معاملة بقيمة 232.3 مليار رينغيت. رغم انخفاض حجم المعاملات بنسبة 1.3 بالمائة في النصف الأول من 2025، إلا أن القيمة الإجمالية ارتفعت بنسبة 1.9 بالمائة مما يعكس متانة الأسعار.
تُظهر المؤشرات الاقتصادية مرونة السوق العقاري المدعومة بمستويات التوظيف المرتفعة والنمو الاقتصادي المستقر. يتوقع المحللون تعافي حجم المعاملات خلال النصف الثاني من 2025 وعام 2026، خاصة مع تنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبرى مثل نظام النقل السريع بين جوهور وسنغافورة والمنطقة الاقتصادية الخاصة وخط المترو الثالث. تشكل هذه العوامل مجتمعة بيئة داعمة للنمو المتوازن في القطاع العقاري على المدى المتوسط والطويل.