
تتجه الأسواق المالية العالمية نحو مرحلة من عدم اليقين مع اقتراب موعد محتمل لإغلاق الحكومة الأمريكية، مما يهدد بتعطيل تدفق البيانات الاقتصادية الحيوية التي يعتمد عليها صناع السياسات والمستثمرون على حد سواء. يشكل هذا التطور تحدياً كبيراً للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي قد يضطر إلى عقد اجتماعه المقبل في أكتوبر دون الحصول على أحدث أرقام التوظيف، مما يزيد من صعوبة تقييم مسار الاقتصاد وتحديد التوقيت المناسب لتعديل أسعار الفائدة. يأتي هذا في وقت تواصل فيه أسواق الذهب تسجيل مستويات قياسية جديدة بينما تشهد أسعار النفط تراجعاً بسبب توقعات زيادة الإنتاج.
تركز أنظار المحللين حالياً على تقرير JOLTS الأمريكي الذي يصدر اليوم، باعتباره المؤشر الاقتصادي الوحيد المتاح قبل الموعد المقرر لإصدار تقرير التوظيف الشهري. يرى خبراء السوق أن تعطل نشر البيانات الرسمية سيزيد من أهمية المؤشرات الثانوية ويخلق فجوة معلوماتية تؤثر على قرارات الاستثمار. قال كايل رودا، المحلل في Capital.com: “النتيجة الأكثر إلحاحاً للإغلاق المحتمل هي تأخير نشر البيانات الحيوية بما في ذلك تقرير الرواتب خارج القطاع الزراعي”، مؤكداً أن توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية تظل المحرك الرئيسي لتحركات الأصول المالية.
تشهد المنطقة الآسيوية تفاوتاً في الأداء مع صعود المؤشرات العريضة رغم تراجع نشاط التصنيع في الصين للشهر السادس على التوالي. أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الصيني استمرار مؤشر مديري المشتريات في منطقة الانكماش عند 49.8 نقطة، مما يعكس الحاجة لمزيد من الحوافز لتعزيز الطلب المحلي. في المقابل، حافظ الدولار الأسترالي على مكاسبه قبل اجتماع البنك المركزي الأسترالي المتوقع أن يحافظ على السياسة النقدية دون تغيير. كما انخفض سهم نيكاي الياباني للجلسة الثالثة على التوالي بينما ارتفع مؤشر MSCI لأوراق آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 0.5%.
يأتي التهديد بالإغلاق الحكومي بالتزامن مع تنفيذ جولة جديدة من التعريفات الجمركية الأمريكية المقرر بدء سريانها غداً على الشاحنات الثقيلة والأدوية المسجلة ببراءات اختراع. أعلن البيت الأبيض أيضاً عن تعريفات معدلة على الأثاث والخزائن من المقرر تطبيقها في 14 أكتوبر. هذه التطورات المتزامنة تخلق بيئة معقدة لصناع السياسات الذين يوازنون بين الاعتبارات المالية والتجارية في ظل غياب البيانات الاقتصادية الموثوقة. يبدو أن الأسواق تستعد لفترة من عدم الوضوح حيث تتفاعل العوامل الجيوسياسية والاقتصادية لتشكل المشهد المالي العالمي خلال الأسابيع المقبلة.